الذكرى العاشرة لثورة السابع عشر من فبراير
تحل علينا اليوم ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعاً، وهي الذكرى العاشرة (10) لثورة السابع عشر (17) من فبراير، وهي محطة مهمة في عمر هذه الثورة، تستوجب منّا وقفه جادة للنظر إلى المكتسبات والنجاحات التي حققناها، ولكن أيضا إلى العقبات وما فشلنا في تحقيقه حتى اللحظة، ونضيء على ما نعتقد بأنه مهم في هذه المرحلة الحساسة.
فالثورة التي انطلقت منذ عشر سنوات طالبت بالتغيير، وناضلت فيها طبقة واسعة جداً من الشعب ضد نظام استبدادي ظالم، وناشدوا دولة مدنية ديمقراطية تكفل الحريات، ويكون فيها القانون فوق الجميع، ويختار فيها الشعب من يحكمهم.
اليوم نتذكر المناضلين الذين قدموا أرواحهم من أجل قول كلمة الحق أمام الظلم ومن أجل أهداف سامية وشريفة، ومطالب شرعية حملها الكثير من الليبيين: ديمقراطية، حرية، مشاركة سياسية، حقوق إنسان، عيش كريم، رفاهية، مساواة، قانون، لا فساد، ولا للقبلية والجهوية، ليبيا وحدة وطنية.
أثناء أحداث الثورة أحس الكثير من الشباب بإمكانية التغيير و استعادوا شعورهم الوطني وقدموا الغالي والنفيس في سبيل ما آمنوا بأنه إمكانية تغيير للأفضل، تلك اللحظات كانت أول مرة ننظر فيها لأنفسنا كوننا مسؤولين عن الوطن لا مجرد رعية فيه وأظهرت هذه المسؤولية إبداعات الكثير من الشباب في ساحات ومجالات مختلفة، ربما نكون في مرحلة من المراحل قد أضعنا البوصلة وشتتنا جهودنا حتى تحول بعض الشباب إلى مادة يتاجر بها بعض السياسيين وأصحاب المصالح الضيقة وتم تحويل بعضنا الآخر لأدوات للكراهية ووقود للحرب وأصبح دور الشباب في مخيلة الكثير من المسؤولين منحصرا في حمل السلاح أو العمل في الحراسات أو أعمال الإدارة البدائية، لكن بعضنا الآخر لا يزال يقاوم من أجل إثبات أن للشباب قدرات ومهارات و حجما من المعرفة يؤهلهم إلى ما هو أكثر من ذلك، حيث ظهرت مظاهر هذه المقاومة في أشكال مختلفة من المبادرات المدنية والسياسية و برامج المصالحة وبناء قدرات و تثقيف الأقران و حتى برامج الترفيه والرحلات والتعريف بالهوية والجغرافيا لهذا الوطن العظيم، الآلاف من الشباب لا يزالون يشعرون بذات المسؤولية التي شعرنا بها سابقا، أما تشتيت الجهود فهو أمر يمكن أن نتغلب عليه جميعا فالفرصة لا تزال متاحة لنوحد جهودنا ونصنع قوة شبابية من شأنها تغيير هذا الوطن للأفضل وأن تصنع الفارق، الحاضر والمستقبل لنا، فقط يجب أن نعمل
وأن نتقدم الصفوف، وأن نشارك في الحياة السياسية، ولنا في ذلك وسائل كثيرة منها ما نحن خبراء فيها مثل تكوين مجتمع مدني قوي وفاعل ضاغط على الحكومة، وبعضها يحتاج شجاعة أكبر ويحمل أهمية أعلى في ذات الوقت، وهو دفع بعضا البعض للمشاركة بأنفسنا في عملية صنع القرار، في الحكومة أو البرلمان القادم.. لا يفوتني أن أترحم على كل من نحتسبهم عند الله من الشهداء ضد الظلم والإرهاب والجريمة طيلة السنوات الماضية، وأن أجدد التعازي لأهلهم وذويهم. أخيرا، يجب الاعتراف بأن الكثير من الظلم وقع على فئات مختلفة من أبناء هذا الوطن بحجج مختلفة، وأول الخطوات لمعالجة هذا الظلم هو الاعتراف به ومعالجة آثاره من النزاع والتشقق و الدمار المادي والمعنوي وهذه مهمة وطنية يجب أن نتشارك فيها جميعا لكي نستطيع المضي قدما في بناء وطننا ونحقق الاستقرار والتنمية والعدالة والحرية وكل المبادئ والمطالب التي خرجنا من أجلها في فبراير 2011.